أثر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : ” العالم الرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره ” . وهذا ما كان عليه سلف هذه الأمة في تربية طلابهم وتعليمهم العلم الشرعي الذي يرفع عنهم داء الجهل القاتل ، الذي يقتل صاحبه من حيث لا يشعر . كما قال ابن القيم رحمه الله :

و الجهل داء قاتل وشفائه أمران في التركيب متفقان
علم من القران أو من سنة وطبيب ذاك العالم الرباني

فكان علماء السلف الربانيون يحثون طلابهم على طلب العلم الشرعي , والتدرج في أخذه , وأن لا يأخذون جملة واحدة , كما قال ابن شهاب الزهري رحمه الله : ” من رام العلم جملة ذهب عنه جملة ” وقد قيض الله عز وجل لهذا العلم أن يحمله من كل خلف عدوله , فتتابع المصلحون والدعاة يأخذ الآخر عن الأول , فكان جملة من هيأة الله لحمل أعباء الدعوة في القرن الثاني عشر الهجري الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأحفاده الذين سلكوا طريقته ومنهجه في الدعوة والإصلاح والذب عن العقيدة السلفية والسنة المطهرة ، وذلك ما ليس بغريب على أبناء هذه الشجرة الطيبة المباركة التي تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ( ذرية بعضها من بعض ) ومن تلك الذرية المباركة نشأ فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ نائب وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد , فقد كان مثلا حياً لذلكم الرعيل من أئمة الدعوة السلفية , إذ عرف برسوخ في العلم ورجاحة في العقل , وال. ذب عن السنة وأهلها . ومن قرأ ” هذه مفاهيمنا ” و ” المعيار ” علم ما مصداقية ذلك . وقد عرف أيضاً حفظه الله بتواضعه الجم , وبتربيته لطلابه التربية الحسنة التي تكون نبراساً لطالب العلم في طريق التعلم . وهذا ما لمسته أثناء حضوري لدروسه العلمية , فكان خلفاً لمن سلفه من العلماء في طريقه التعليم إذا يعلم الطلاب آداب العلم قبل البدء في الدرس وكذلك يحثهم على المنهجية الصحيحة التي ينبغي أن يكون عليها طالب العلم , بأن لا يدوم العلم جملة , بل يبدأ بصغاره قبل كباره , والمتأمل لدروسه العلمية يجده قد بدأ في التوحيد العبادة بشرح ” القواعد الأربع ” تم ” الأصول الثلاثة ” ثم ” كتاب التوحيد ” ثم ” كشف الشبهات ” وجميعها للإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله المتوفى 1206 هـ . ثم شرع بعد ذلك في توحيد الأسماء والصفات بشرح ” لمعة الإعتقاد ” ثم ” الواسطية ” ثم ” الحموية ” ثم ” الطحاوية ” ومازال فيها حتى كتابة هذه الأسطر . ولم تقتصر همه الشيخ على هذه الشروح فقط بل له درس كل يوم خميس بعد الفجر في الكتب التالية : تفسير ابن كثير , و صحيح البخاري , وزاد المعاد , والاستقامة , وأصول الإيمان ، والقواعد لابن السعدي . وشيخنا الفاضل في مجال التأليف والمحاضرات الشيء الكثير , فمن مؤلفاته على سبيل المثال : كتاب : التكميل لما فات تخريجه من إرواء الغليل .
وكتاب : هذه مفاهيمنا . وكتاب : المنظار في بيان كثير من الأخطاء الشائعة , وكتاب : المعيار , وكتاب : الضوابط الشرعية لموقف المسلم من الفتن . إضافة إلى بعض البحوث الحديثية المنشورة في مجلة كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية . وقد عجبت من همة الشيخ مع كثرة الأعمال المنوطه به فأسأل الله عز وجل أن ينتفع بعلمه . وأن يطيل في عمره , وأن يبارك له في ذريته , وأن يجزيه عنا وعن المسلمين خير الجزاء على ما يقوم به في جهوده علميه ودعوية في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين .

إذا الله جازى أهل فقه وسنة فجازاك نجل الشيخ خيرا وأجزلا
فإنك فرع من ذؤابة دوحة قد اتخذت للعلم والفضل موئلا
فجدكم للشرع كان مجددا ووالدكم للأمر بالعرف معقلا
وهانت يا ابن الأكرمين مجاهد كما جاهد من كان في الشرك أوغلا
هي السنة الغراء وأنتم حماتها تذودون عنها من أساء ومن غلا
وفي جانب التوحيد كان مقامكم كريما ومحمودا وأسنى وأجملا
مفاهيمكم سنية سلفية اذا ابتدع الأقوام فهما مضلالا

8,673 total views, 1 views today


Shares